الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

الآفة في تعامل البعض مع العقل والعقلانية

محمد عمارة
الآفة في تعامل البعض مع العقل والعقلانية

العقل نعمة من النعم العظمى التي انعم الله بها على الانسان، واذا كانت رسالة الانسان في الحياة هي الاستخدام الرشيد للنعم التي انعم الله بها عليه، والشكر للمنعم على هذه النعم، فبدون العقل والعقلانية لن يستطيع هذا الانسان شكر الله على نعمة العقل التي انعم بها عليه.

واذا كان الغلو هو آفة كل شيء، فانه هو الآفة في تعامل البعض مع العقل والعقلانية «فالظاهرية النصوصية» تسيء الظن بالعقل، وتحسب كل عقلانية عدوانا، على العقائد والنصوص. بينما الحداثة الغربية، التي تأسست على التنوير الموضعي الغربي فقد الهت العقل، فأضفت «الاطلاق» على قدراته النسبية، وذلك عندما رفعت شعار «لا سلطان على العقل الا للعقل وحده»! وبين هذين الغلوين تقف الوسطية الاسلامية، التي تعلي من مقام العقل، باعتباره جوهر انسانية الانسان، التي تميزه عن غيره من المخلوقات، وفي ذات الوقت تؤمن بان هناك معارف لا يستطيع العقل ان يستقل ادراكها ولا بد فيها من الوحي، المعبر عن علم الله الكلي والمطلق والمحيط.

وفي تراث مدرسة الاحياء والتجديد التي تبلورت من حول جمال الدين الافغاني والامام محمد عبده هناك صياغات فكرية نفيسة مثلت الوسطية الاسلامية الجامعة في هذا الموضوع. ومن هذه النصوص قول الامام محمد عبده «ان العقل هو جوهر انسانية الانسان، وهو افضل القوى الانسانية على الحقيقة وهو ينبوع اليقين في الايمان بالله وعلمه وقدرته والتصديق بالرسالة.. اما النقل فهو الينبوع في ما بعد ذلك من علم الغيب كأحوال الاخرة والعبادات. والمرء لا يكون مؤمنا الا اذا عقل دينه، وعرفه بنفسه، حتى اقتنع به، فمن ربي على التسليم بغير عقل، والعمل، ولو صالحا، بغير فقه، فهو غير مؤمن، لانه ليس المقصود من الايمان ان يدلل الانسان للخير كما يدلل الحيوان، بل القصد منه ان يرتقي عقله، وتتزكى نفسه بالعلم بالله والعرفان في دينه، فيعمل الخير لانه يفقه انه الخير النافع المرضي لله، ويترك الشر لانه يفهم سوء عاقبته في دينه ودنياه، ويكون فوق هذا على بصيرة وعقل في اعتقاده، فالعاقل لا يقلد عاقلا مثله، فاجدر به ان لا يقلد جاهلا دونه».

ليست هناك تعليقات:

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لــ العقل والعلم فى حوار الالحاد 2018 ©