الجمعة، 25 سبتمبر 2009

الجمعة، 25 سبتمبر 2009

شهادة الفيلسوف الإنجليزي توماس كارليل

شهادة الفيلسوف الإنجليزي توماس كارليل
على صدق رسالة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

كل عاقل منصف لا يسعه إلا التصديق برسالة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك أن الأمارات الكثيرة شاهدة ناطقة بصدقه .
ولا ريب أن شهادة المخالف لها مكانتها ؛ فالفضل ـ كما قيل ـ ما شهدت به الأعداء .
وفيما يلي شهادة للفيلسوف الإنجليزي الشهير " توماس كارليل " الحائز على جائزة نوبل ، حيث قال في كتابه " الأبطال " كلاماً طويلاً عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخاطب به قومه النصارى ، ومن ذلك قوله : " لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمداً خدّاع مزوِّر .
وإن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس ، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة ؟ !
أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأي أبداً ، ولو أن الكذب والغش يروجان عند خلق الله هذا الرواج ، ويصادفان منهم مثل هذا القبول ، فما الناس إلا بُلْهٌ مجانين ، فوا أسفا ! ما أسوأ هذا الزعم ، وما أضعف أهله ، وأحقهم بالرثاء والرحمة .
وبعد ، فعلى من أراد أن يبلغ منزلة ما في علوم الكائنات ألا يصدق شيئاً البتة من أقوال أولئك السفهاء ؛ فإنها نتائج جيل كفر ، وعصر جحود وإلحاد ، وهي دليل على خبث القلوب ، وفساد الضمائر ، وموت الأرواح في حياة الأبدان .
ولعل العالَم لم ير قط رأياً أكفر من هذا وأَلأَم ، وهل رأيتم قط معشر الإخوان ، أن رجلاً كاذباً يستطيع أن يوجد ديناً وينشره علناً ؟
والله إن الرجل الكاذب لا يقدر أن يبني بيتاً من الطوب ؛ فهو إذا لم يكن عليماً بخصائص الجير ، والجص ، والتراب ، وما شاكل ذلك ـ فما ذلك الذي يبنيه ببيت ، وإنما هو تل من الأنفاق ، وكثيب من أخلاط المواد .
نعم ، وليس جديراً أن يبقى على دعائمه اثني عشر قرناً يسكنه مائتا مليون من الأنفس ، ولكنه جدير أن تنهار أركانه ، فينهدم ؛ فكأنه لم يكن " .
إلى أن قال : " وعلى ذلك ، فلسنا نَعُدُّ محمداً هذا قط رجلاً كاذباً متصنعاً ، يتذرع بالحيل والوسائل إلى بغيته ، ويطمح إلى درجة ملك أو سلطان ، أو إلى غير ذلك من الحقائر .
وما الرسالة التي أدَّاها إلا حق صراح ، وما كلمته إلا قول صادق .
كلا ، ما محمد بالكاذب ، ولا المُلفِّق ، وهذه حقيقة تدفع كل باطل ، وتدحض حُجة القوم الكافرين .
ثم لا ننسى شيئاً آخر ، وهو أنه لم يتلق دروساً على أستاذ أبداً ، وكانت صناعة الخط حديثه العهد إذ ذاك في بلاد العرب ـ وعجيب وأيم الله أُمِّيَةَ العرب ـ ولم يقتبس محمد من نور أي إنسان آخر ، ولم يغترف من مناهل غيره ، ولم يكن إلا كجميع أشباهه من الأنبياء والعظماء ، أولئك الذين أشبِّههم بالمصابيح الهادية في ظلمات الدهور .
وقد رأيناه طول حياته راسخ المبدأ ، صادق العزم بعيداً ، كريماً بَرًّا ، رؤوفاً ، تقياً ، فاضلاً ، حراً ، رجلاً ، شديد الجد ، مخلصاً ، وهو مع ذلك سهل الجانب ، ليِّن العريكة ، جم البشر والطلاقة ، حميد العشرة ، حلو الإيناس ، بل ربما مازح وداعب ، وكان ـ على العموم ـ تضيء وجهه ابتسامةٌ مشرقة من فؤاد صادق ؛ لأن من الناس من تكون ابتسامته كاذبة ككذب أعماله وأقواله " .
إلى أن قال : " كان عادلاً ، صادق النية ، كان ذكي اللـب ، شهم الفؤاد ، لوذعياً ، كأنما بين جنبيه مصابيح كل ليل بهيم ، ممتلئاً نوراً ، رجلاً عظيماً بفطرته ، لم تثقفه مدرسة ، ولا هذبه معلم ، وهو غني عن ذلك .
ويزعم المتعصبون من النصارى والملحدين أن محمداً لم يكن يريد بقيامه إلا الشهرة الشخصية ، ومفاخر الجاه والسلطان .
كلا ـ وأيم الله ـ لقد كان في فؤاد ذلك الرجل ابن القفار والفلوات ، المتوقد المقلتين ، العظيم النفس ، المملوء رحمة وخيراً وحكمة ، وحِجَى ـ أفكار غير الطمع الدنيوي ، ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه ، وكيف لا ، وتلك نفس صامتة كبيرة ، ورجل من الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا مخلصين جادين ؛ فبينما ترى آخرين يرضون الاصطلاحات الكاذبة ، ويسيرون طبق الاعتبارات الباطلـة إذ ترى محمداً لم يرض أن يَتَلَفَّع بمألوف الأكاذيب ، ويتوشح بمبتدع الأباطيل .
لقد كان منفرداً بنفسه العظيمة ، وبحقائق الأمور والكائنات ، لقد كان سرُّ الوجود يسطع لعينيه ـ كما قلت ـ بأهواله ، ومخاوفه ، وروانقه ، ومباهره ، ولم يكن هناك من الأباطيل ما يحجب ذلك عنه ، فكان لسان حال ذلك السر الهائل يناجيه : ها أنا ذا ، فمثل هذا الإخلاص لا يخلو من معنى إلهي مقدس ، فإذا تكلم هذا الرجل فكل الآذان برغمها صاغية ، وكل القلوب واعية ، وكل كلام ما عدا ذلك هباء ، وكل قول جفاء " .
إلى أن قال : " إذاً فلنضرب صفحاً عن مذهب الجائرين أن محمداً كاذب ، ونعد موافقتهم عاراً ، وسبة ، وسخافة ، وحمقاً ؛ فلنربأ بأنفسنا عنه " .
إلى أن قال : " وإن ديناً آمن به أولئك العرب الوثنيون ، وأمسكوه بقلوبهم النارية لجدير أن يكون حقاً ، وجدير أن يصدق به .
وإنما أودع هذا الدين من القواعد هو الشيء الوحيد الذي للإنسان أن يؤمن به .
وهذا الشيء هو روح جميع الأديان ، وروح تلبس أثواباً مختلفة ، وأثواباً متعددة ، وهي في الحقيقة شيء واحد .
وباتباع هذه الروح يصبح الإنسان إماماً كبيراً لهذا المعبد الأكبر ـ الكون ـ جارياً على قواعد الخالق ، تابعاً لقوانينه ، لا مجادلاً عبثاً أن يقاومها ويدافعها .
لقد جاء الإسلام على تلك الملل الكاذبة ، والنحل الباطلة ، فابتلعها ، وحق له أن يبتلعها ؛ لأنه حقيقة ، وما كان يظهر الإسلام حتى احترقت فيه وثنيات العرب ، وجدليات النصرانية ، وكل ما لم يكن بحق ؛ فإنها حطب ميت " .
إلى أن قال : " أيزعم الأفَّاكون الجهلة أنه مشعوذ ومحتال ؟
كلا ، ثم كلا ، ما كان قط ذلك القلب المحتدم الجائش كأنه تَنور فِكْر يضور ويتأجج ـ ليكون قلب محتال ومشعوذ ، لقد كانت حياته في نظره حقاً ، وهذا الكون حقيقة رائعة كبيرة " .
إلى أن قال : " مثل هذه الأقوال ، وهذه الأفعال ترينا في محمد أخ الإنسانية الرحيم ، أخانا جميعاً الرؤوف الشفيق ، وابن أمنا الأولى ، وأبينا الأول .
وإنني لأحب محمداً لبراءة طبعه من الرياء والتصنع ، ولقد كان ابن القفار رجلاً مستقل الرأي ، لا يقول إلا عن نفسه ، ولا يدّعي ما ليس فيه ، ولم يكن متكبراً ، ولكنه لم يكن ذليلاً ضَرِعاً ، يخاطب بقوله الحرَّ المبين قياصرة الروم وأكاسرة العجم ، يرشدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة ، وللحياة الآخرة ، وكان يعرف لنفسه قدرها ، ولم تخل الحروب الشديدة التي وقعت له مع الأعراب من مشاهد قوة ، ولكنها كذلك لم تخل من دلائل رحمة وكرم وغفران ، وكان محمد لا يعتذر من الأولى ، ولا يفتخر بالثانية " .
إلى أن قال : " وما كان محمد بعابث قط ، ولا شابَ شيئاً من قوله شائبةُ لعبٍ ولهوٍ ، بل كان الأمر عنده أمر خسران وفلاح ، ومسألة فناء وبقاء ، ولم يكن منه بإزائها إلا الإخلاص الشديد ، والجد المرير .
فأما التلاعب بالأقوال ، والقضايا المنطقية ، والعبث بالحقائق ـ فما كان من شأنه قط ، وذلك عندي أفظع الجرائم ؛ إذ ليس هو إلا رقدة القلب ، ووسن العين عن الحق ، وعيشة المرء في مظاهر كاذبة .
وفي الإسلام خَلَّة أراها من أشرف الخلال وأجلها ، وهي التسوية بين الناس ، وهذا يدل على أصدق النظر وأصوب الرأي ؛ فنفس المؤمن رابطة بجميع دول الأرض ، والناس في الإسلام سواء " .
إلى أن قال : " وسـع نوره الأنحاء ، وعمَّ ضوؤه الأرجاء ، وعقد شعاعه الشمال بالجنوب ، والمشرق بالمغرب ، وما هو إلا قرن بعد هذا الحادث حتى أصبح لدولة العرب رجل في الهند ، ورجل في الأندلس ، وأشرقت دولة الإسلام حقباً عديدة ، ودهوراً مديدة بنور الفضل والنبل ، والمروءة ، والبأس ، والنجدة ، ورونق الحق والهدى على نصف المعمورة " .

ليست هناك تعليقات:

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لــ العقل والعلم فى حوار الالحاد 2018 ©